
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الرسالة الرابعة أقدمها إليكم أيها الأحبة ** مكللة بالمحبة فيكم ، والخوف عليكم والرجاء لكم ، لعلها توقظ جذور الإيمان في صدورنا ، وتثمر شجر الإحسان في نفوسنا ، والإحسان هو أرقى مراتب الإيمان ، ومعناه إن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
كلنا ذنوب وكلنا خطايا أنا وأنت وأنتم وهؤلاء * يعلم الله سبحانه وتعالى أن كثيراً منا لم يعصه تجرأً عليه ، ولا استهانه بعظمته ، ولا أماناً من نقمته ، ولا تلذذا بمخالفته ، وإنما هي نفوسنا الضعيفة التي زلت ، وشياطيننا الخبيثة التي أضلت ودنيانا الدنيئة التي تزينت ، وأصحاب سوء أعانوا ، وأعوان خير بعدوا عنا وبانوا **
ولسنا بمعصومين فالعصمة لمن اصطفاه ربه من أنبيائه ورسله ومن ادعاها من غيرهم فقد أرتكب إثماً عظيماً وحالف الشيطان الرجيم .
ولنعلم جميعاً رعاك الله : بأن باب الله مفتـوح وخـيره يغدو ويروح ، ينـاديك إذا زلت بك القدم ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ، إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) الزمر 53
فبسم الله نبدأ و به نستعين ، وعليه نتوكل وكفى بالله وكيلاً إنه نعم المولى ونعم النصير .
تذكر أيها الحبيب ( أن الله عزيز ذو انتقام )
(اليس الله بعزيز ذي انتقام ) الزمر 37.
تذكر ايها الحبيب إن الله شديد العقاب قوي العذاب ، وأنه عزيز ذو انتقام ، ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ، وانه يغار إذا انتهكت محارمه قال رسول الله (ص) (( إن الله يغار . وأن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم عليه )) وما أهلك الأمم السابقة إلا أنهم تعدوا حدود الله ، وانتهكوا حرماته وبارزوه بالفواحش ( فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب )
وما من مصيبة تلم بالعبد ولا عقوبه تقع عليه إلا بسبب بعض ذنوبه وسيئاته . فموت القلوب وفناء الشعوب وفضح العيوب ما هي إلا ببعض الذنوب ( فكلاً أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصباً ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) .
ولو يؤاخذ الله العبد بكل سيئاته ( ما ترك على ظهرها من دابة )
ولكنه سبحانه وتعالى ( أهل التقوى وأهل المغفرة )
وما أكثر أولائك الذين اعتمدوا على رحمة الله تعالى وعفوه وكرمه وجوده وبره وإحسانه ، فضيعوا أمره ونهيه ، ونسوا أنه ذو البطش الشديد فعال لما يريد ، الذي لا راد لأمره ولا معقب لحكمه .
قال معروف : رجاؤك لرحمة من لا تطيعه من الخذلان والحمق ، وقال احد العلماء : من قطع عضواً منك في الدنيا بسرقة ثلاثة دراهم لا تأمن أن تكون عقوبته في الآخرة على نحو هذا ( أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون )
كثيرمن الناس يبارزون الله تعالى بالخطايا ليلاً ونهاراً ، وسراً وعلانية ، متطاولين على حدوده ، مخالفين لأوامره ، متعدين على زواجره معتمدين على حسن الظن به ، وحسن الظن ينفع من تاب وندم ، وأقلع عن الذنب وبدل السيئة بالحسنة ، واستقبل بقية عمره بالخير والطاعة وأحسن العمل ، ثم أحسن الظن بعد ذلك
قال الحسن البصري رحمه الله : إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل ، وان الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل . ( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولائك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم )
إنما يرجو رحمة الله من يعمل لا من يتوانى ويغفل !
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها : إن السفينة لا تجري على اليبس
ولذلك يصيح أبو الوفا ويقول :
احذر ولاتغتر فإنه قطع اليد في ثلاثة دراهم ، وجلد الحد في مثل رأس الإبرة من الخمر ، وقد دخلت امرأة النار في هرة ، واشتعلت الشملة ناراً على من غلها وقد قتل شهيداً .
تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي درج الجنان لدى النعيم الخالد
ولقد علمنــــا أخــــرج الأبوين من ملكـــوته الأعلى بذنب واحــد
(أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤف رحيم )
وبالرغم من هذا كله نرى بعض ضعاف الإيمان ولوجاً في معاصي الله ، منتهكين لحدوده ، يأخذون من الدين ما وافق هواهم وساير رغبتهم وشهوتهم ، ثم يطرحون كثيراً من أحكام الله ، ويشير على صدره ويقول : الإيمان ها هنا ، ولو تدبروا لعلموا إن كل إناء بما فيه ينضح ، فالقلب يملي والجوارح تكتب ، وإن أ دب الظاهر إنما هو عنوان الباطن ، وأن فاقد الشيء لا يعطيه ، ثم تراهم يقولون بلسان المغرور : إن الله غفور رحيم ، وأن رحمته وسعت كل شيء ، وان أعمالنا لا تدخلنا الجنة ، ونعم ...... لعمر الله لقد صدق ولكنه بالحق كله ما نطق ،فإن الله غفور رحيم .... ولكنه شديد العقاب وعزيز ذو انتقام ( نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي هو العذاب الأليم )
يوشك الطائر ذا الجناح الواحد إن لا يرتفع !!
والذي يقصم الظهر في هذا ويفري الكبد أنهم يسمون تمنيهم واغترارهم رجاءاً ، وهذا الذي أهلك عامة المذنبين ، وهل يرجو الثمر يوم الحصاد إلا من غرس وبذر ، ورجا بعد ذلك رحمة الله بإنبات الشجر وظهور الثمر .
فالإيمان بدون عمل كالشجرة اليابسة بلا فروع ولا أوراق ولا ثمار ، لا تنفع صاحبها إلا حينما يلقيها في النار !!
والجذور في الشجرة لا ترى وإنما الغصن والساق والثمر والأوراق ، كذلك الإيمان في القلب لا يرى ، وإنما تظهر آثاره ومدلولاته على صورة الأفعال والأعمال والأقوال .
قال يحيى بن معا ذ رحمه الله : من أعظم الاغترار عندي التمادي في الذنوب مع رجاء العفو بغير ندامة ، وتوقع القرب من الله بغير طاعة ، وانتظار زرع الجنة ببذر النار ، وطلب دار المطيعين بالمعاصي ، وانتظار الجزاء بغير عمل ، والتمني على الله عز وجل مع التفريط .
يقول الحسن البصري رحمه الله : إن أقواما ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا ومالهم من حسنة ، ويقول أحدهم إني أحسن الظن بربي . وكذب ، ولو أحسن الظن لأحسن العمل وتلا قوله تعالى : (وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ) .
وقال رحمه الله تعالى منبهاً لهذا المغتر الغافل : لو أنه رجا رحمة الله تعالى لطلبها بالأعمال الصالحة ، يوشك من دخل المفازة من غير زاد ولا ماء أن يهلك .
ولو انك لو إ ستمعت لكلامهم لوجته كلام الخائفين المشفقين ، ولو تأملت أعمالهم لوجدتها أعمال الآمنين ، وليت هذا الأمن مع كثرة الطاعات وقلة السيئات ، لكنها الشقوة التي غلبت والشهوة التي استحكمت . يزرعون السيئات ويرجون الحسنات ، وهذا لا يكون حتى يدخل الجمل في سمّ الخياط ، فإنك لا تجني من الشوك العنب ،ويستحيل في حق الله العادل إن يساوي بين البر والفاجر والمؤمن والكافر وبين المحسن والمسيء ( أم حسب الذين ا جترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون )
إن من سوء الظن بالله أن نعتقد أنه يساوي بين الصالحين والمذنبين ( ا فنجعل المسلمين كالمجرمين * مالكم كيف تحكمون ) ( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) ( أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ) إنهم لا يستوون عند الله ن فمن أحسن فله الحسنى ومن أساء فإنه (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجزبه )
والأمل مع عدم العمل رأس مال الذي ليس له مال !
فإذا حدثتك نفسك بالمعصية وهمت بالخطيئــــة فقل لها : ( فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام ) يوسف 23
في نهاية رسالتي أيها الأحبـة في الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله * ربي إنك تسمع كلامي وترى مكاني ، وتعلم سري وعلانيتي ، ولا يخفى عليك شيء من أمري .
أسألك إيماناً ويقينا صادقاً ، حتى اعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي ، وأن ما أصابني لم يكن ليخطئني ، وما أخطأني لم يكن ليصيبني*
اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والفعل والعمل ** اللهم آتي نفوسنا تقواها وذكها أنت خير من ذكاها **
اللهم لا تدع في مجلسنا هذا ذنباً إلا غفرته ولأهما إلا فرجته ولا مريضا إلا شفيته ، ولا ديناً إلا فرجته ، ولا مسافراً إلا رددته إلى أهله سالماً غانماً ولا حاجه من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها ويسرتها يا أرحم الراحمين **
اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض ** اللهم بارك لنا في أولادنا وأزواجنا واجعلهم قرة عين لنا وأهدهم وخذ بأيديهم وابعد عنهم كل شيطان رجيم *
· · · 2 hours ago
- أنت ومريم عبد الرحمن ومحمد عبده واحمد سرى و 2 آخران معجبون بذلك.
أم عبد الله المصريه يارب قلت وقولك حق انك شديد العقاب ولكن أعقبتها بأنك غفور رحيم فلا تعاقبنا بذنوبنا وسفاهة نفوسنا وافغر لنا برحمتك وكرمك يا غني ياحليم آآآآآآآآآآآآآآآمين
2 hours ago · · 2 شخصان